الجزء التاسع

الأدَبُ الْعَرَبيُّ ـ شِئْنا أَمْ أَبَيْنا ـ أَدَبٌ عالَمِيٌ، لأَنَّهُ جِزْءٌ أَساسِيٌّ مِنْ تِكامُلِ عالَـمٍ لا يَنْحَصِرُ، ولو أَرَدْنا حَصْرَهُ، في بُقْعَةٍ ما مِنْ بِقاعِ الأرض، خاصَّةً، وَقَد انْتَقَلَتْ عَمَلِيّةُ النَّقْل مِنْ ظَهْر الْحِمار إلى ظَهْر الطَّائِرَةِ النَّفّاثَةِ، وَشَبَكاتِ الإنْتِرْنيت، لِيُصْبِحَ الْكَوْنُ أُلْعُوبَةً بِيَدِ إِنْسانِه.
**
جَالِيَتُنَا فِي أُستُرَالْيَا سَتَبْقَى مَدينَةً بِرُقِيِّهَا إِلَى صَحَافَتِهَا الْمَهْجَرِيَّةِ حَتَّى يَوْمِ الدَّيْنُونَةِ.
**
بَكَيْتُ عِنْدَمَا طَالَبَنِي نَاقِدٌ صَدِيقٌ بِاتِّخَاذِ مَوْقِفٍ صَارِمٍ حِيَالَ مَا يَحْدُثُ فِي لُبْنَانَ. بَكَيْتُ.. لأَنَّنِي أَدْرَكْتُ أَنَّ صَدِيقي هَذَا لَـمْ يَقْرَأْ حَرْفاً وَاحِداً مِمَّا كَتَبْتُ.
**
أَعَزُّ إِنْسَانٍ عَلَى قَلْبِي هُوَ الَّذِي يُطْعِمُنِي "أَهْلاً وَسَهْلاً" بَدَلَ اللُّقْمَةِ الَّتِي سَيُقَدِّمُهَا لِي.
**
كَيْ يُصْبِحَ أَدَبُنا جَيّداً عَلَيْنا بِمُحاسبَةِ أَنْفُسِنا عَلَى كُلّ عَمَلٍ رَدِيء نَقُومُ بِهِ، قَدْ يُسِيءُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْري إلى شَرَفِ الْكَلِمَةِ الَّتي نَكْتُب.
**
إِلَى أُولَئِكَ الَّذِينَ يَتَلَذَّذُونَ بَشَطْبِ اسْمِي إِثْرَ كُلِّ الْتِمَاعٍ أَدَبِيٍّ أَقُولُ: شُكْراً.
**
إِنَّ التَّناحُرَ الدَّينِيَّ الَّذي تَتَخَبَّطُ بِهِ أَدْيانُنا السَّماوِيَّة، جَعَلَ الشَّيْطانَ يَتَلاعَبُ بِنا، كَما يَتَلاعَبُ الْهِرُّ بِفَأْرِه، وَجَعَلَنا نَبْتَعِدُ عَنِ اللّـه، كَرَدَّةِ فِعْلٍ سَلْبِيَّة تِجاه رِجال الدِّين وَفَتاويهِم وَأَعْمالِهِم وَتَسْخيرِهِمْ الدِّين لِلشَّر فَقَط.
**
فِي الثَّانِي وَالْعِشْرِين مِنْ شَهْرِ تِشْرِين الثَّانِي مِن كُلِّ عَامٍ، يَجِبُ عَلَى الجاليَةِ أَنْ تَحْتَفِلَ بِعِيدَيْن اثْنَيْن، لا بِعِيدٍ وَاحِدٍ: عِيد استِقْلالِ لُبْنَان، وَعِيد انْتِقَالِ أَرْزَتِهِ الْمُقَدَّسَةِ إِلَى مَبْنَى الْبَرْلَمَانِ فِي كانْبِرَا.
**
عَلَى الزَّائِرِ لِمَدينَةِ دُبَيْ أَنْ يَتَفَحَّصَ عَيْنَيْهِ قَبْلَ أَنْ يُغَادِرَها، مَخَافَةَ أَنْ تُغَافِلَهُ الْعَيْنَانِ وَتَسْتَوْطِنَا وَجْهَ دُبَيْ الْمُشْرِقَ.
**
الْجَبَانُ.. لَيْسَ مَنْ يَهْرُبُ مِنَ الْمَوْتِ، بَلْ مَنْ يَذْهَبُ فَرْقَ عُمْلَةٍ.
**
الْهَرَبُ مِنَ الْمَوْتِ.. سِيَاَسةٌ.
**
الْعَمَلُ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلاةِ، كَوْنَهُ يُطْعِمُ الأَطْفَالَ وَيَأْوِيهُمْ.
**
الْمُؤْمِنُ.. لَيْسَ مَنْ يَقْضِي سَاعاتِهِ مُصَلِيّاً، بَلْ مَنْ يُسَخِّرُ تِلْكَ السَّاعاتِ لِخِدْمَةِ أَخِيهِ الإِنْسَانِ.
**
الْوَرَقَةُ الْعَاقِرُ.. هِيَ الَّتِي لَمْ يُضَاجِعْهَا قَلَمٌ.
**
الطُّفَيْلِيُّ.. عُشْبَةٌ تَنْمُو بِدُونِ أَتْرِبَةٍ.
**
غَريبٌ أَمْرُ تَاجِرِ الْمُخَدَّراتِ، يَدَّعِي الذَّكاءَ وَالْفِطْنَةَ، وَيُمَارِسُ عَمَلاً يُوصِلُ زَبَائِنَهُ إِلَى الْقَبْرِ، وَيُوصِلُهُ إِلَى السِّجْنِ.
**
كي تُصْبَحَ سَيِّدَ نَفْسِكَ، قَلِّلْ مِنْ مُعَاشَرَةِ النَّاسِ.
**
أَجْمَلُ مَا في لُبْنَانَ.. أَنَّه وَطَنِي.
**
كُلُّ مُهَنْدِسِي الْكَوْنِ سَيْنْحَنُونَ خَاشِعِيَن أَمَامَ مَا هَنْدَسَتْهُ الطَّبِيعَةُ مِنْ قَاعَاتٍ وَأَعْمِدَةٍ وَتَمَاثِيلَ وَرُسُومٍ فِي مَغَارَةِ جْعِيتَا.
**
الشَّحَاذُ.. لَيْسَ مَنْ يَتَسَوَّلُ فِي الشَّوَارِعِ، بَلْ مَنْ يَحْجُمُ عَنِ الْعَطَاءِ.
**
لم يعلقْ على حَدْقَتَيْ عَيْنَيّ، يَومَ زِرْتُ الْعِراق، إلاّ جنائنُ بابل المعلّقة.
**
إذا زُرتَ مِصْر، تَأكَّد مِنْ أنّ قلبَك لم يُجَدّد الإقامَة.
**
الْحُريَّة ذَوْق وَتَفَهُّم وَمُعامَلَة وإِدْراك وَإنْسانية، فَمَنْ يَجْنَح بِحُرِّيَّتِه خارِج نِطاقِها، كَمَن يَقودُ سَيّارتَه وَهو سَكران، أَوْ كَمَن يَقودُ أَعْمى وَعَيْناه مُغَمَّضَتان، فَفي كِلْتا الْحالَتَيْن سَيَكون تَصَرُّفُه غير مَحْمود النتائج، لا بَل مُؤسِفاً لِلْغايَة.
**
لِلْمَرْأَة، كَما لِلرجُل، عَوْرَةٌ واحِدَة، قَدّسَها اللهُ تَعالى حين أَشْرَكَها بِعَمَلِيَّة الخَلْق، لِذلك وَجَبَ علينا احْتِرامها، وَعَدَم الإسْتِهْتار بها، وَإلاّ طَعَنّا في الصَّميم مَوْضِعَ الْخَلْق فينا، وَهذه جَريمَة لا تُغْتَفَر.
**
الكَبتُ الْجِنْسي عِنْد الْمَرأة في الْبِلاد الْمُتَزَمِّتَة، قَدْ يُلْهِبُ فيها نار الْجُنون وَالإنْفِلات مَتَى انْتَقَلت إلى البُلدانِ الأكْثَر تَحَرُّراً.
**
أَخافُ أنْ يُقالَ يَوْماً انَّ بَعْضَ نِسائِنا قَدْ ضَرَبَهُنَّ جنونُ الْبَقَر.
**
نَصيحَتي لِزُوّار الْقاهِرَة: لا تَدْفعوا قرْشاً واحِداً مِنْ أَجْل حُضور حَفَلات الطَّرَب.. فَأَعْراس السَّاعَة العاشِرَة والنِّصْف تُغْنيكُم عَنْ كُلِّ هذا.
**
المَوْت هُوَ الْمَوْت، أَيّاً كانَ السَّبَب.
**
مَتَى تَتَلْمَذَ القَلَم أَعْطى، ومَتَى اعْتادَ السَّيْرَ قَلَّ تَماهُلُه وَتَباطُؤه.
**
أُمومَةُ العَنْكَبُوت تُحَيِّرُني، فَهِيَ تُدْرِكُ أَنَّ الأطْفالَ الَّذينَ تَحْملُهم عَلَى ظَهْرِها، سَيَأكُلونَها مَتَى كَبروا، وَمَعَ ذلِك تَرْعاهُم بِحُنُو.
**
كَيْ تُؤمِّن مُسْتَقْبَلك وَمُسْتَقْبَل أَطْفالِك، انْزَع عَنْك حالاَ ربطة عُنْقِك.
**
الْبِنْت، في هذِه الأَيَّام، تَأْكُلُ خُبْزَها بِعَرَقِ جَبِينِها، بَيْنَما الصَّبي فَيَأْكُل خُبْزَهُ بِعَرَقِ جَبينِك أَنْت. **
إِذا ادَّعَيت بِأَنَّك مُتَحَدِّرٌ مِنْ عائِلَةٍ أُورسْتقْراطِيّة، فَاعْلَمْ بِأَنَّ أَحَداً ما سَيُتَمْتِم بِهُدوء: وَهَذا أَبْلَهٌ آخَر لا يَعْرِفُ مَنْ هُو والِدُه.
**
حَتَّى تُصْبِح مِنْ أَرْبابِ الْفِكْر الْعِظام، صَرِّح بِأَنَّكَ سَتُلْغِي مِنَ الْوُجُود كافَّة لُغاتِ الْعالَم.
**
إِذا اغْتابُوك سُوءاً، فلا تَحْزَنْ، أَمّا إِذا مَدَحُوكَ جَهْراً فابْكِ، لأَنَّكَ سَتَخْسَرُ جَميعَ رِفاقِك.
**
الْحَياةُ واحَةٌ لا مَجالَ لِلْحقْدِ فِيها، وَنافِذَةٌ مَنْ أَنْ تُفْتَحَ حَتَّى يُعادَ إِقْفالُها.
**
الْماضِي مُجَرَّدُ ذُكْرَيات لا تُدْمِي، أَمَّا الْحاضِر فَحَقائِق مُرْعِبَة.
**
المَحَبَّةُ وَالْعَطاءُ وَجْهانِ لِعُمْلَةٌ واحِدَةٍ هي اللّـه.
**
لِكُلِّ أَديبٍ، يَومَ وِلادَتِه، عَلامَةٌ فارِقَة.
**